الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّأْقِيتِ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ أَمَّا الْمَجْهُولُ كَأُقِرُّكُمْ مَا شِئْنَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ زَيْدٌ، أَوْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ» فَإِنَّمَا جَرَى فِي الْمُهَادَنَةِ حِينَ، أَوْدَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ لَا فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ التَّأْبِيدِ بَلْ يَجُوزُ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ. اهـ.(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَهُ) أَيْ: أَقَرَّكُمْ اللَّهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.(قَوْلُهُ: أَوْ مَا شِئْت إلَخْ) بِضَمِّ التَّاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ.(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) لَا تَصِحّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْ: مَا شِئْتُمْ؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ عَقْدَهَا عَنْ مَوْضُوعِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُؤَقَّتًا إلَى مَا يَحْتَمِلُ تَأْبِيدَهُ الْمُنَافِيَ لِمُقْتَضَاهُ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُشْتَرَطُ) أَيْ: فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ نَاطِقٍ. اهـ. مُغْنِي.(قَوْلُهُ: مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ) يَنْبَغِي، أَوْ مِنْ وَكَيْلِهِمْ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش.(قَوْلُهُ: وَبِإِشَارَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي عَطْفِهِ عَلَى غَايَةٍ لِلَفْظِ قَبُولٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا الْأَخْرَسُ فَيَكْفِي فِيهِ الْإِشَارَةُ الْمُفْهِمَةُ وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالْبَيْعِ بَلْ، أَوْلَى وَكَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَمَانِ. اهـ.(قَوْلُهُ: وَبِكِتَابَةٍ) الْجَزْمُ بِإِطْلَاقِهِ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ هُنَا لَفْظًا فِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي ذَلِكَ. اهـ. سم وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ.(قَوْلُهُ: وَالتَّوَافُقُ فِيهِمَا) قَدْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا لَمَّا، أَوْجَبَهُ الْعَاقِدُ.(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) وَجَازَ لَنَا قَتْلُهُ غِيلَةً وَاسْتِرْقَاقُهُ وَأَخْذُ مَالِهِ وَيَكُونُ فَيْئًا وَالْمَنُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ. اهـ.رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ سَكَنَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ لِلْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ. اهـ. أَسْنَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ إلَخْ) أَيْ: وَهَذَا الْحَرْبِيُّ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ. اهـ. أَسْنَى.(قَوْلُهُ: لَزِمَ لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ) أَيْ: وَيَسْقُطُ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ الْعَقْدِ. اهـ.رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.(قَوْلُهُ: أَقَلُّهَا) أَيْ: الْجِزْيَةِ.(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ) أَيْ: عَلَى الْمَعْقُودِ لَهُ وَإِنْ أَقَامَ سَنَةً وَيُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ. اهـ. أَسْنَى.(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ) وَهِيَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَيُضَمُّ إلَيْهَا مَا هُنَا فَتَصِيرُ خَمْسَةً. اهـ. ع ش.أَقُولُ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهَا كَمَا يُعْلَمُ بِسَبْرِ كَلَامِهِمْ.(وَلَوْ وُجِدَ كَافِرٌ بِدَارِنَا فَقَالَ: دَخَلْت لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى) أَوْ لِأُسْلِمَ أَوْ لِأَبْذُلَ جِزْيَةً.(أَوْ) دَخَلْت.(رَسُولًا) وَلَوْ بِمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ لَنَا.(أَوْ) دَخَلْت.(بِأَمَانِ مُسْلِمٍ) يَصِحُّ أَمَانُهُ.(صُدِّقَ) وَحَلَفَ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ نَعَمْ إنْ أُسِرَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَفِي الْأُولَى يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ وَحُضُورِ مَجَالِسِ الْعِلْمِ قَدْرًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ فِيهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَمَانُهُ) هَلْ يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا.(قَوْلُهُ: أَيْضًا يَصِحُّ أَمَانُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا عِبْرَةَ بِأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. اهـ.وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُوجِبُ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ فِي الْجُمْلَةِ فَفِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْأَمَانِ إنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ وَظَنَّ صِحَّتَهُ بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ.(قَوْلُهُ: أَوْ لِأُسْلِمَ) إلَى قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْله، أَوْ بِنَحْوِهِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ حَكَمْت إلَى قَوْلِهِ قِيلَ.(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَا فِيهِ مُضِرَّةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَلَوْ فِي وَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا. اهـ.(قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ) أَيْ: وَإِنْ عَيَّنَ الْمُسْلِمُ وَكَذَّبَهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ ع ش. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.(قَوْلُهُ: يَصِحُّ أَمَانُهُ) هَلْ يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَا عِبْرَةَ بِأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُوجِبُ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ فِي الْجُمْلَةِ فَفِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْأَمَانِ وَإِنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ فَظَنَّ صِحَّتَهُ بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ سم وَقَوْلُهُ هَلْ يَجِبُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَبْذُهُ. اهـ. ع ش.وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ وَالرَّدِّ الْآتِي عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَسُكُوتِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْهِمَا عَنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَفَائِدَةُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا صَرَّحَ بِمُؤَمِّنِهِ وَعَيَّنَهُ فَيُنْظَرُ هَلْ هُوَ مِمَّا يَصِحُّ أَمَانُهُ شَرْعًا أَمْ لَا (قَوْلُ الْمَتْنِ صُدِّقَ) أَيْ: فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ مُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ.(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ ذَلِكَ يُؤَمِّنُهُ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَدْخُلَ بِلَادَنَا إلَّا بِأَمَانٍ. اهـ.(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أُسِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ عِنْدَنَا أَسِيرًا وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اهـ.(قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لَا يَخْفَى تَعَسُّرُهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ.(قَوْلُهُ: وَفِي الْأُولَى) أَيْ: دَعْوَى دُخُولِهِ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. ع ش.(قَوْلُهُ: يُمَكَّن) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّمْكِينِ.(وَفِي دَعْوَى الْأَمَانِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِسُهُولَتِهَا وَرَّدُوهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِهِ أَوْ بِنَحْوِهِ.(وَيُشْتَرَطُ لِعَقْدِهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) الْعَامُّ أَوْ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعِظَامِ فَاخْتُصَّتْ بِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ.(وَعَلَيْهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا.(الْإِجَابَةُ إذَا طَلَبُو) هَا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ هُنَا مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ.(إلَّا) أَسِيرًا أَوْ.(جَاسُوسًا) مِنْهُمْ وَهُوَ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ بِخِلَافِ النَّامُوسِ فَإِنَّهُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ.(نَخَافُهُ) فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُمَا بَلْ لَا يُقْبَلُ مِنْ الثَّانِي لِلضَّرَرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ طَلَبَهَا مَكِيدَةٌ مِنْهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ.(وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) وَصَابِئَةٌ وَسَامِرَةٌ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَصْلِ دِيَتِهِمْ سَوَاءً الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي آيَتِهَا.(وَالْمَجُوسُ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَقَالَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ.(وَأَوْلَادُ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ) أَوْ مَعَهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُبَدَّلَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمُ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ وَذَبِيحَتِهِمْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِبْضَاعِ وَالْمَيِّتَاتِ التَّحْرِيمُ بِخِلَافِ وَلَدِ مَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْد بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اكْتَفَوْا بِالْبَعْثَةِ وَإِنْ كَانَ النَّسْخُ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ وَسَبَبُهُ وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الضَّارَّ دُخُولُ كُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بَعْدَ النَّسْخِ لَا أَحَدِهِمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ لِعَقْدِهَا لِمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَثَنِيٌّ كَمَا يَأْتِي.(أَوْ شَكَكْنَا فِي وَقْتِهِ) أَيْ دُخُولِ الْأَبَوَيْنِ هَلْ هُوَ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ تَغْلِيبًا لِلْحَقْنِ أَيْضًا وَبِهِ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ قِيلَ لَا مَعْنَى لِإِطْلَاقِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَتَقْيِيدِهِ أَوْلَادَهُمْ وَلَوْ عَكَسَ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ إنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ عُقِدَ لِأَوْلَادِهِ مُطْلَقًا لَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُعْقَدُ لَهُمْ إنْ لَمْ يَنْتَقِلُوا عَنْ دِينِ آبَائِهِمْ بَعْدَ الْبَعْثَةِ. اهـ.وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا الْأَصْلَ وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْأَصْلِيُّونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ انْتِقَالٌ، ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الِانْتِقَالَ عَبَّرَ فِيهِ بِالْأَوْلَادِ الْمُرَادِ بِهِمْ الْفُرُوعُ وَإِنْ سَفَلُوا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِانْتِقَالَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ طُرُوُّ الْبَعْثَةِ وَذَلِكَ قَدْ انْقَطَعَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَوْلَادُ الْمُنْتَقِلِينَ فَذَكَرَهُمْ ثَانِيًا فَانْدَفَعَ زَعْمُ أَنَّ الْعَكْسَ أَوْلَى، وَأَمَّا زَعْمُ إيهَامِ مَا ذُكِرَ فَغَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَوْلَادٍ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ انْتِقَالٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلنَّظَرِ إلَى آبَائِهِمْ وَجْهٌ (وَكَذَا زَاعِمُ التَّمَسُّكِ بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ) عَلَى نَبِيِّنَا و(عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ) وَصُحُفِ شِيثٍ وَهُوَ ابْنُ آدَمَ لِصُلْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى كُتُبًا فَانْدَرَجَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}.(وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ) وَلَوْ الْأُمَّ اخْتَارَ الْكِتَابِيَّ أَمْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا، وَفَارَقَ كَوْنُ شَرْطِ حِلِّ نِكَاحِهَا اخْتِيَارَهَا الْكِتَابِيَّ بِأَنَّ مَا هُنَا أَوْسَعُ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّ اخْتِيَارَ ذَلِكَ قَيْدٌ هُنَا أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ كِتَابِيًّا لَا لِتَقْرِيرِهِ.(وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ) تَغْلِيبًا لِذَلِكَ أَيْضًا نَعَمْ إنْ بَلَغَ ابْنُ وَثَنِيٍّ مِنْ كِتَابِيَّةٍ وَدَانَ بِدِينِ أَبِيهِ لَمْ يُقِرَّ جَزْمًا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ عَقْدِهَا لِمَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِ نَصْرَانِيٍّ تَوَثَّنَ مِنْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ وَثَنِيَّةٍ تَغْلِيبًا لِمَا ثَبَتَ لَهُمْ مِنْ شُبْهَةِ التَّنَصُّرِ إذَا لَمْ يَخْتَرْ دِينَ الْوَثَنِيِّ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ غَالِبًا إلَّا مِنْ جِهَتِهِمْ وَيَنْبَغِي نَدْبُ تَحْلِيفِهِمْ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهَا لَا تُعْقَدُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ كَعَابِدِ وَثَنٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ مَلَكٍ وَأَصْحَابِ الطَّبَائِعِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعَطَّلِينَ وَالدَّهْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ: إلَّا أَسِيرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ بَذَلَهَا أَيْ الْجِزْيَةَ أَسِيرٌ كِتَابِيٌّ حَرُمَ قَتْلُهُ لِإِرْقَاقِهِ وَغُنْمِ مَالِهِ. اهـ.(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ) يُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ يُرَدَّ بِأَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ.(قَوْلُهُ: الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ انْتِقَالٌ) مِنْ أَيْنَ.(قَوْلُهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ انْتِقَالٌ) مِنْ أَيْنَ.(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلنَّظَرِ إلَى آبَائِهِمْ وَجْهٌ) هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ لَهُ وَجْهٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ لَهُمْ احْتِرَامٌ لِكَوْنِ انْتِقَالِهِمْ قَبْلَ النَّسْخِ سَرَى الِاحْتِرَامُ لِأَوْلَادِهِمْ وَإِنْ انْتَقَلُوا تَبَعًا لَهُمْ فَتَأَمَّلْهُ.(قَوْلُهُ: اخْتَارَ) أَيْ الْوَلَدُ وَقَوْلُهُ: الْكِتَابِيَّ أَيْ أَبَاهُ الْكِتَابِيَّ.(قَوْلُهُ إنْ اخْتَارَهُ) أَيْ اخْتَارَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ الْكِتَابِيَّ أَيْ اخْتَارَ دِينَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَارَ الْمُتَوَثِّنَ فَلَا يُقَرُّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ.
|